أنهآر – متابعات :
نخبة من 70 مثقفاً ترصد المسيرة الإبداعية لسعاد الصباح
ضمن سلسلة (سعاد الإنسانة عاشقة الوطن) التي بدأ إصدارها منذ عدة سنوات، صدر أخيراً الجزء الخامس من هذه السلسلة، مرصّعاً بنحو سبعين مقالاً لأدباء وأكاديميين ونقاد وإعلاميين، خاض كل منهم في فضاءات سعاد الصباح المختلفة: شاعرة، واقتصادية، وناشرة، وكاتبة، وداعمة للمنابر الثقافية وحقوق الإنسان وغيرها وقضايا الطفولة ومنابر التعليم.
وضمّ الإصدار الجديد شهادات نخبة من الأسماء اللامعة، مما كتبوه في الصحف خلال الثلاثين سنة الماضية ومنهم الدكتور بشير عيّاد الذي كتب يقول: “لم يعدمِ العربُ وجودَ الكثير من النماذج المضيئةِ التي سخّرت المالَ لخدمةِ المجتمع، وجعلته رافدَ خيرٍ في السّرِّ أو في العلن، وفي مجالِ الأدبِ والثقافةِ والعلومِ يأتي الدورُ الذي لعبته الدكتورة سعاد الصباح عندما سخّرت المالَ لخدمة فنّها الأوّل، الشعر، مضافاً إليه فنون اللغةِ العربيّةِ الأخرى، كعلامةٍ مضيئةٍ، وإذا نظرنا إلى مُجمَلِ ما قدّمتْهُ مع زوجها الراحل الشيخ عبد الله المبارك الصباح نجدهُ يجاوزُ ما قدّمتْهُ دولٌ تدّعي تأثيرها في صفوة الجماهير على الخريطةِ العربيّة.
وعن دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع قال: “نافذة للعرب على العالم، ونافذة للعالم على الأمة العربية”.. هذا هو الوصف الأمثل لمشروع «دار سعاد الصباح»، التي قامت على نشر روائع التراث العربي والثقافة العربية المعاصرة، كذلك التجارب الإبداعية للشباب العربي من المحيط إلى الخليج، ثم الالتفات إلى اللغات الأخرى لترجمة روائع الثقافات الأخرى ونشرها، وبهذا مثّلت الدارُ إضافة مهمة لدور النشر الكبرى بالوطن العربي التي تقوم على نشر الإبداع الفكري والأدبي والعلمي في طبعات فاخرة ومميزة، وبأسعار قد لا تغطي ثمن الخامات التي دخلت في صنع الكتاب”.
سيدة بألف رجل
الإعلامي سمير عطاالله وصف شخصية د. سعاد الصباح، بأنها: “سيدة بألف رجل، وعشرة مبدعين. ولا تعرف بأي ميزة تخاطبها، فتواضعها يخفي كل تميُّز. وحجابها يُظهر أكثر فأكثر ذلك التعدد الفكري والثقافي والشغف الوطني. ولم يغير شيء من شغفها القومي. لا الانتكاسات ولا الخيبات ولا شطط أصحاب القضايا المقدسة. بالنسبة إليها القضية لا تخطئ وإن أخطأ حراسها”.
حالة انبهار
واحتوى الإصدار شهادة من الشاعر الكبير الراحل محمد الفايز إذ قال: “لقد أعادت الدكتورة سعاد حالة الانبهار للقصيدة كما أنها قد طمأنتنا نحن الشعراء الذين ابتلوا بالحزن، بأن الحزن سيد الشعر ومفتاح القصيدة، ولكنه يحتاج إلى موهبة كي يغرد ولكي يناقش ولكي يمنح التنفس للذين قد أغلقت صدورهم ونوافذهم، ولقد مكثت القصيدة الحديثة خارج الأبواب تحاول الدخول إلى الكهف المملوء بالعظام والأشباح والأسماء القديمة، وعندما تمكنت من اجتيازه وخرقه رفضته ورفضت نواحيه لكي تنشئ لها أفقاً جديداً يلائم المرحلة الزمنية التي تمر بها مجتمعاتنا العربية”.
أما عن تميز الدكتورة سعاد الصباح في مجالي الأدب والاقتصاد، فكتب د.بلال خير بك قائلاً: “أن يكون المرء أديباً يتفجر قلبه عاطفة وكلمات رقيقة، ثم يكون في الوقت نفسه ذاكرة من الأرقام الصعبة والرموز والخطط الاقتصادية المحكمة. أمر يبعث على الإعجاب والدهشة، وخصوصاً أن زمن العقل الموسوعي قد ولى بعد التقدم الصناعي وتقسيم العمل. وأن تستطيع شاعرة رقيقة الكلمات أن تجمع بين قلبها وعقلها واختصاصها الأكاديمي العلمي الصرف على المستوى العربي، فهذا شيء يبعث على الفخر والاعتزاز بذات الفرد العربي، الذي ثبت ويثبت دائماً أنه فوق ألم المراحل، وفوق عذابات الواقع، وهو المنطلق دائماً نحو الأفق الأكثر رحابة. هذه المقولة حققتها لنا في الكويت الشاعرة ودكتورة الاقتصاد والتخطيط الإنمائي سعاد الصباح
وتدلي الكاتبة اللبنانية ليلى الحر بدلوها بعد حضورها إحدى أمسيات الدكتورة، فتقول: “هذه المرأة البالغة الرقة، الشديدة الولع بالثقافة، المغمورة بحماس قومي أصيل يصان ويتعزز باطلاعات مكثفة ومعمقة على شؤون وشجون أمتها السياسية والاقتصادية، هذه المرأة التي جمعت بيمينها الحسب والنسب والثروة والجاه، وبيسارها العلم والمعرفة ومواهب الشعر والفن”.
حقوق وقضايا
عن نشاطها في مجال حقوق الإنسان ودعم القضايا العربية، وثّق الكاتب المصري الراحل سعد الدين ابراهيم ريادتها في هذه المجالات، إذ قال: “انخرطت د. سُعاد الصباح في العمل العربي العام كواحدة من أنشط نُشطائه. وكانت أحد مؤسسي المنظمة العربية لحقوق الإنسان، في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وكانت أكثر المتبرعات لتلك المنظمة، وهي التي اشترت لها مقريها في القاهرة ولندن. كما كانت أحد أهم الداعمين لمركز دراسات الوحدة العربية، في بيروت. وكانت حاضرة دائماً بشخصها، وشِعرها، ومالها لدعم كل قضية عربية سياسية أو إنسانية، وطالما تزاملت ورافقت مئات المثقفين والنُشطاء العرب في التصدي للدفاع عن قضايا الحُرية، والعدالة، وحقوق الإنسان، لكل شعوب الأمة، من الخليج إلى المُحيط.
زحام.. وسلالم
يرسم الأديب والروائي المصري يوسف القعيد صورة نابضة بالحب والحيوية تعكس المكانة الإبداعية للدكتورة سعاد الصباح، فيقول: “ما زلت أذكر أمسياتها الشعرية في معرض القاهرة الدولي للكتاب.. والزحام غير العادي على حضورها.. كنت أشاهد الشباب يقفون فوق السلالم ويطلون من الشرفات.. لدرجة أن إدارة المعرض اضطرت لأن تركب شاشات عرض تليفزيونية.. حتى يتمكن الذين لم يدخلوا من مشاهدتها.. وهو ما لم يحدث إلا في ندوات روجيه جاردوي.. ونزار قباني.. ومحمود درويش.. وعبد الرحمن الأبنودي.. لم تكن جماهيريتها تقل عن هؤلاء.. وما زلت أذكر أن إلقاءها لشعرها كان يضيف له الكثير”.
ظهر الجزء الخامس من (عاشقة وطن) في نحو ثلاثمئة وخمسين صفحة من القطع الكبير، وتصدّرت غلافه لوحة فنية بريشة الدكتورة سعاد الصباح. وفي الوقت الذي يتوفر فيه في مقر دار النشر، سيتم عرضه من خلال جناح دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع في معرض الكويت الدولي للكتاب خلال الأيام.