الجمعة, مايو 3, 2024
spot_img

سأهتدي بوجه أمي / حمود ولد سليمان  / غيم الصحراء

إلي أمي طيب الله ثراها في ذكراها الأولى 

 أمي …

  عام مر..

 ووجهك الأخضر .

مازال  يناديني في الأعالي 

لم  رحلت قبل الفرح ؟!

ولم تنتظري الخريف 

لم رحلت ؟

و طيفك يتماهي في الينابيع 

لم رحلت ؟!

وتركت أبي يغمره الحزن 

وتركت البئر التي كانت تروي العابرين 

قد جفت ينابيعها ، 

وتركت الواحة مهد القلب أضحت  خلاءا 

وأضحى أهلها احتملوا 

لم رحلت ؟  

و تركت العصافيرتغرد ابتهاجا بالخريف 

و الغدير علي أنقته 

و الرعاة  قد عادوا  من الإنتجاع 

وقد احتملوا 

لم رحلت 

وتركت الحكايا ،  قد ذبلت وانطفأ سراجها 

وتركت سمرك مع صاحباتك  اللاتي كن يقهقهن في جوف الليل 

وهن يتندرن بأحاديث العشق والمطر والودع  

لم رحلت ؟ 

وتركت أبي يغمره الحزن 

سأذكر  المساء السادر في الغبار

و الليل الذي تصابحه الهموم 

وتصاحبه نقنقات الضفادع في سبتمبر 

شهر الحنين والتراب والعشق 

سأذكر  الفجرالذي يطل علي ذهول الصحراء 

و الواحة الحالمة بالماء    

سأذكر  القمروأهازيج الخريف  والنخل وأشجار السمر والسدر  

ومنزلنا   وارخبيل العزلة الفردوسي  

وسأبكيك علي هودج الذكري 

علي جملك الاورق  

واقول أنك أمي 

أمي …

عام مر ووجهك الاخضر 

مازال في الاعالي يناديني 

كيف رحلت  قبل الفرح 

ولم تنتظري الخريف !

خمسون بحرا تطفو في ذاكرتي 

فكيف اسلو الذكري ؟ 

لم اعرف غير وجهك والصحراء  

لم أذق طعم الطفولة !!!

لم أعرف البحر .لم أعرف الأصدقاء 

لم أعرف  غير وجهك والصحراء 

لم أعرف  غير حبك والصحراء 

ها انا من جرح الوقت 

أدور في مدارات المنكب والوقت البرزخي 

 اسأل متي ؟

يحين الوقت الذي يكون لي  ، الذي اكون فيه سيد الوقت 

سيد الصحراء ،وسيدتي انت و الصحراء 

لاوقت لأصحاب الوقت في مملكتي 

ولاوقت لي لاصحاب الوقت 

احمل معي طفولتي  حيث اريد 

بكل سرورألثم غيمتك 

واعانق الريح التي تحمل خمرك 

انا المهاجر  في مدائن الريح  

الموعود بالتعب المنذور للتعب 

السندباد الجوال في الأقاصي  

انا الاسير 

وهل يسأل الاسير عن حنينه لصهوة الريح؟!

انا المحارب المهزوم 

 العابر في ليل المجاباة الكبري ، 

 الضالع بالهجرات في المنكب البرزخي 

ما زلت اقدح في النبوءة ، والعن السماء 

التي نسيت ان تمطر   

و اشرب من قدح المنافي قدحي 

و أقدح في  النبوءة    

و أمني القلب في الوقت الضائع 

 بجميل الامنيات 

 وعليل رياح التراب الحبيب 

  والمدي الاخضر الطري 

أمي عام مر ووجهك الاخضر 

ما زال يناديني في الاعالي 

كيف رحلت قبل الفرح 

ولم تنتظري الخريف 

ما زلت اذكر العشيات المسافرات في الغبار 

وسناجب الواحة وهي تحتمي بالنخل من وهج القيلولة 

ما زلت  اذكر البئر والغزالة 

و السهل الذي كنت احتمي به من العاصفة 

والمطرالذي بللني في غلس التيه  

و الريح النائح في السهل 

والبدر علي الربوة وحكايا الرعاة 

 وخوار الابقار عند الغروب 

وخواء قلبي 

وانا اعد النجيمات 

وابي يستروح بنسمات حزبه ويرتل: 

“تبارك  الذي نزل الفرقان علي عبده ” 

مازلت اذكركل شيء مرفي ليالينا 

اذكر كثيبنا وشجرة الهليج 

و نار العشيات 

فتاخذ قلبي  نشوة السرود السحرية 

حكايات السنارة والبنارة وعويدات اندفرليت “

افتحو ا البيت  انا جيت ما مريت 

واسال متي يفتحوا  البيت ؟

و لم اغلقوا البيت ؟

واسأل من رب البيت ؟ 

واسأل من نسج  هذا الحكي  للطفل الذي كنته ومازلته  ؟

فيداعب خيالي مطر الطفولة العذب  السري الغامض 

ووجهك يا امي الاخضر 

واسأل من مضوا عن التيه  والغيم ،

أسألهم : عن الصحراء  والجرح الوسيم 

اساألهم : 

 عن نبوءة العبد  الزنيم 

واسألهم 

  عن نبذة انأي  فيها واحتمي 

بعيدا 

عن الكهنة والصحراء الخائنة 

امي عام  مر ووجهك الاخضر 

ما زال يناديني في الاعالي 

كيف رحلت قبل الفرح ؟ 

ولم  تنتظري الخريف 

سأبكيك  علي هودج الذكري 

علي جملك الأورق  

 والسماء مكفهرة والريح عاصفة 

واقول انك امي   

واني يوم حفظت الوصية

” لاتأمن اليكسوميين وقاتلهم يخزيهم الله ويعذبهم ” 

اهتديت 

واني سأهتدي بوجه امي 

 سأبكيك  علي هودج الذكري 

علي جملك الأورق  

 واقول انك  امي 

وانك وحدك لست ككل النساء 

وانك وحدك اجمل النساء 

ساهتدي بوجهك يا امي   

وعندما  اشرع في ترتيب الخطة واعد العدة 

لليكسومين والوثنين والمتواطئين ضد الله 

هرابذة المجوس 

سأعلن الحرب باسمك  

واقول اني لم اعد اطيق تعاليم المجوس  

وان ارخبيل العزلة الفردوسي ضاق بالعبيد 

وان المنكب البرزخي تمادي في غييه 

و الحرب سجال 

يوم لنا  ويوم للعبيد 

سأبكيك علي هودج الذكري 

علي جملك الأورق  

واقول انك  امي 

وان وجهك الاخضر كان دليلي في سنوات القحط 

وان وجهك الاخضر كان منقذي حين تقاذفتني الصحراء 

وان وجهك الاخضر كان الواحة والظلال والماء 

وان وجهك الاخضر كان العمر و القدر 

وان وجهك الاخضر كان عافيتي ووجه القمر 

وان وجهك الاخضرفي الاعالي  لايقهر 

وان وجهك الاخضر كان المطر 

سأبكيك  علي هودج الذكري 

علي جملك الأورق 

وأبكيك :   

“ومالك يا شجر الخابور مورقا ” 

سابكيك  علي هودج الذكري 

علي جملك الأورق 

واقول انك امي 

واني يوم حفظت الوصية اهتديت 

واني سأهتدي بوجه امي 

________

حمود ولد سليمان  / غيم الصحراء

spot_imgspot_imgspot_imgspot_img

ذات صلة