بقلم : فيحان الصواغ – الكويت
عندما تصدر الماركات العالمية منتجاتها الأصلية , وعادة ما تكون أسعارها مرتفعة في الأسواق .
تتجه الكثير الشركات ( الصينية ) لانتاج وتوفير منتجات شبيهة ( تقليد ) وبأسعار أقل للجمهور .
الفارق أن الماركات العالمية تستمر في الصدور لسنوات طويلة بينما تتوقف منتجات التقليد بعد سنة أو سنتين .
لا أدري لماذا قارنت هذه الفكرة بهذه الفكرة . لكن يبدو أنني أقارن بشكل صحيح .
شاعر المليون هو برنامج تلفزيوني متخصص في مسابقة الشعر النبطي انطلق من إمارة أبوظبي في الإمارات بفكرة من الشيخ محمد بن زايد (ولي عهد أبوظبي آنذاك) برعاية هيئة أبوظبي للثقافة والتراث إضافة إلى شركة «بيراميديا» التي ترأسها الإعلامية نشوة الرويني. لقي البرنامج متابعة جماهيرية واسعة في العالم العربي في نسخته الأولى سنة 2006 وعرضت العديد من المحطات الفضائية حلقات البرنامج الاسبوعية، كما قامت بمتابعة وتغطية الحدث إخبارياً العديد المحطات العالمية والعربية. ( ويكيبيديا )
في عالم الشعر عام 2006 تقريبا , تفاجأت الساحة بظهور النسخة الأولى من برنامج المسابقات الشهير ( شاعر المليون ) في أبوظبي ( الماركة العالمية ) التي تكلف قرابة 75 مليون درهم آنذاك , فتسابق الجميع لإخراج برامج شعرية ( مشابهة وبأسعار وتكلفة أقل ) . بحثا عن الحضور في دائرة الضوء وبحثا عن ( بقايا جمهور ) . فظهرت العديد من البرامج المشوهة التي لم تكمل دورة واحدة أو دورتين . وأهم الأسباب هو عدم وجود أهداف جادة أو رؤية جادة في البرنامج .
كان الإعتقاد السائد أو الفكرة من إنشاء برنامج شاعر المليون هو الكسب المادي من خلال التصويت للشعراء كما هو الحال في العديد من برامج الغناء التي انتشرت قبل ظهور شاعر المليون .
وهذا الاعتقاد قاد البعض لاطلاق برنامج شعر آخر بحثنا عن الكسب السريع والتصويت وجمع المال . إلا أن الأمور كانت عكس ذلك تماما . فتوقفت برامج الربح السريع وبقي شاعر المليون ( واثق الخطوة يمشي ) ويسير بخطواته المدروسة نحو رؤيته المحددة وبهدوء .
عندما تحدد الأهداف فأنت تعرف إلى أين تريد الوصول وكيف تسير على الطريق . بمعنى أن العملية مدروسة ومخطط لها باحترافية وإلا لما تحددت أهداف كبيرة تشكل ( رؤية إدارية ) منها أن البرنامج يهدف إلى إحياء الشعر النبطي. ويعكس ( رؤية أبوظبي الثقافية ) في استعادة مكانة الشعر النبطي في الحياة اليومية والارتقاء بدوره كوعاء حامل للثقافة العربية المشتركة. ويساهم كذلك في تنشيط حركة الشعر النبطي، والارتقاء بمستواه، وتعزيز حضوره في الساحة الثقافية.
كذلك عند الحديث عن هيكلية عمل البرنامج ومراحله نجد أنه هيكل مدروس أيضا وليس عشوائيا كما هو الحال عند شركات الربح السريع , فالبرنامج يعلن عن استقبال المشاركة باعلان رسمي واضح ومحددا معايير المشاركة وكيفيتها . ثم يقوم البرنامج بعمل جولات في بعض الدول العربية خارج حدود دولة الإمارات العربية المتحدة لمقابلة الشعراء المشاركين وهو عمل يحتاج إلى فترة زمنية طويلة وجهود كبيرة جدا وميزانية مرصودة لهذا العمل الكبير للسفر ونقل المعدات . ومن ثم يتم الاعلان عن المشاركين في البرامج الذي يستمر قرابة الأربعة أشهر.
لجنة تحكيم إحترافية ومتخصصة :
ما يميز برنامج شاعر المليون هو وجود لجنة تحكيم ( ثابتة ) في المنهجية في النقد والتوجيه . فلو راجعنا حلقات البرنامج لرأينا الأدوار التي يختص بها كل عضو من لجنة التحكيم واضحة للجميع . كما أنها – أي اللجنة – تقوم بمواجهة مادة واحدة وهي الشعر الشعبي فقط . وهو ما يجعل العمل أكثر تنظيما وتركيزا ً .
سلطان العميمي ناقد وباحث وقاص من دولة الإمارات العربية المتحدة. يحمل درجة الماجستير في السيميائية وتحليل مناهج الخطاب وله أكثر من 30 إصدار أدبي .
الدكتور غسان الحسن حاصل على درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها – تخصص الشعر النبطي من جامعة عين شمس بالقاهرة في عام 1987 م .
حمد السعيد شاعر وناقد من الكويت يمتلك خبرة واسعة في مجال التحكيم بالمسابقات والمهرجانات الشعرية وهو رئيس تحرير مجلة وضوح الشعرية الكويتية .
مجلة شاعر المليون الورقية :
في خطوة كبيرة إصدرت هيئة أبوظبي مجلة ( شاعر المليون ) الورقية في وقت يتجه فيه عالم المجلات الشعرية الورقية للتوقف والانهيار كما حدث للجميع تقريبا مقابل الحضور الكبير للتوجه الإلكتروني في العالم . وتعتبر مجلة شاعر المليون أداة دعم كبيرة للبرنامج حيث صدر من المجلة أكثر من 200 عدد تقريبا وما زالت مستمرة في الصدور .
الموقع الإلكتروني ووسائل التواصل وقناة تلفزيونية :
في 2006 كان الحضور بارزاً للقنوات التلفزيونية التي تهتم في مجال الشعر والأدب والتراث . وكانت خطوة نقل برنامج شاعر المليون من خلال قناة بينونة وتكرار عرضة خطوة موفقة لانتشار حلقات البرنامج وإرضاء الجمهور . كما قامت الإدارة بتدشين موقع إلكتروني كامل لنشر فكرة وأخبار المسابقة للعالم مع توفير طاقم فني احترافي يدير هذا الموقع الإلكتروني لمواكبة التطورات السريعة في العمل الإلكتروني شبكات التواصل الإجتماعي التي انتشرت بين الجمهور . وهي خطوة كبيرة جدا يصعب القيام بها والإستمرار بها .
الدعاية والإعلان للترويج لبرنامج شاعر المليون :
كانت الحملات التسويقية لبرنامج شاعر المليون في تلك الفترة مدروسة بشكل كبير جدا للترويج الكبير لهذا العمل . فتجد إعلانات البرنامج في أهم الصحف والمجلات الخليجية وفي صفحات كاملة وهو ما يكلف الكثير من الأموال . كما أن الإعلانات وصلت إلى الشوارع من خلال اللوحات الإعلانية المتنشرة . وفي قناة التلفزيون وفي مواقع الإنترنت . فأينما تذهب تجد شيئ عن شاعر المليون وتكرار لهذا الإسم الذي أصبح من أهم أسماء البرامج في الوطن العربي .
التطوير المستمر :
كل من تابع شاعر المليون لاحظ أن عمليات التطوير مستمرة في البرنامج من دعوة بعض الفنانين لاحياء فقرات غنائية على مسرح شاطئ الراحة كما قام البرنامج بدعوة كبار الشعراء في الخليج العربي للمشاركة على شاطئ الراحة من خلال فقرات خاصة احتضنها شاعر المليون . كم لاحظ الكثير من الجمهور التغيير المستمر في ديكورات البرنامج من نسخة إلى أخرى والتي تعتبر عمل فني من أعمال البرنامج المميزة .
اليوم نرى برنامج شاعر المليون وبعد مرور أكثر من 15 عاما ً من العمل , أصبح ( أيقونة في عالم الشعر ) وماركة مسجلة لأبوظبي يصعب تجاوزها أو قل مجاراتها .
فالفوز هو تكون صاحب الخطوة الأولى ومع مرور الوقت تكون قائد المجموعة كما هو الحال في شركات الماركات العالمية الكبيرة .
ملاحظة : هذا المقال خاص في برنامج شاعر المليون ( فقط ) .
فيحان الصواغ – الكويت