الأربعاء, يناير 8, 2025

قناة التقسيم الصوتي :

spot_img

تابعنا على :

ذات صلة

متفرقات أدبية :

تواصل قراءات مهرجان الشارقة للشعر العربي..

أنهآر - متابعات : ناصر الشفيري - الشارقة تواصلت فعاليات مهرجان...

الشاعر #حامد_زيد ينضم إلى لجنة تحكيم برنامج #المعلقة ..

أنهآر - متابعات : أعلن برنامج المسابقة الشعري ( المعلقة...

سيد حنيني… / الشاعرة وارفة

وارفة... الشعر والابداع شاعرتنا الكبيرة تأتي كل موسم شعر لنحصد...

لؤلؤات المروج.. / بقلم : ابتسام تغزاوي

ينظر الأطفال إلى الآلة باستغراب شديد… يقتربون نحوها بخجل… يمدون أصابعهم الرقيقة المليئة بالوحل ليداعبوا الشاشة التي تصورهم ثم يظهرون عبرها في التلفاز هكذا شرح لهم أحمد الأمر، على بعد أمتار يتوارين بخجل عن عيون الكاميرا… أقدامهن تغوص في الوحل بسلاسة ثقيلة ولا يبالين بذلك.

على بعد أمتار قليلة بدت مرهقة كما لم يرها من قبل، عيناها بعيدتان جدا كأنهما تعبثان بخجل في صور من ماض ولى ككتاب ترهلت صفحاته وتيبست أطرافه… شعرها البني يتطاير مع إيقاعات موسيقية تعزفها السيدة الزرقاء بسخاء مع ذلك بدت جميلة بمعطفها الطويل ووشاحها القرمزي، أما هي فتقوقعت مرغمة تحت سطوة وهيبة الزرقاء ترمي نظراتها هنا وهناك، هي التي لطالما خانتها ذاكرة الأمكنة ضاعت الآن في ماضيها المركون، المرجة الزرقاء… متلألئة جامدة كأنثى تخفي خلف استكانة ملامحها أسرار وتناقضات جمة ضحكات… صخب… قهقهة العشاق في الليالي الحالكة، قال -بصوت خافت-.

– أخيرا وصلنا إلى المرجة الزرقاء ، هي جوهرة المغرب المتمردة وملاذ الطيور المهاجرة، بحيرة مترفعة طاغية الجمال والأنوثة، وردة شهية للعلماء والخبراء بل أكثر من هذا لقبت بالمحمية العالمية حسب اتفاقية رامسار، كما تعلمان هي اتفاقية انضم لها المغرب سنة 1980، تتصل بالبحر عبر مصب على شكل عنق زجاجة ما يجعل مياه البحر تتسرب إليها أثناء المد ،أطلق زفرة طويلة ثم استطرد:

– في القديم كان يحرسها سبعة حراس، أما الآن …لتقاطعه قائلة :

إن أهم ما يميز المرجة الزرقاء هو المحار الملزمي أو الزلفية، هو صدفة تحيا في الرواسب الحبيبية في جوف المياه المالحة، ابتسمت وفي وجهها سكن حنين خفي ثم استطردت:

– كانت مصدر الرزق للعديد من أهل القرية خصوصا الفتيات ،حيث يذهبن أثناء الجزر، أما أثناء المد فيستحيل عليهن ذلك وإلا كان مصيرهن الغرق …

-يبدوا أن المرجة الزرقاء تعني لك الكثير؟

-كنت قروية بضفائر متمردة وبعقل لم يقع فريسة للنوافذ المغلقة ، طبعا فحين كنت أجمع المحار لأساهم في مصروف البيت أذخر بعض المال لشراء الكتب، كان حلمي بسيط جدا أن أغفو يوما وأستيقظ وأجدني في مكان غير هذ ا المكان ، رفعت رأسها بحزن:

-في جوف هذه الساحرة التي ترى أمامك الآن ، الكثير من الأرواح العالقة… أرواح كانت تختزن أمالا وأوهاما بسيطة… لازلت أذكر يومها لم نستمع للحارس الذي حذرنا من التقاط المحار أثناء المد… مع ذلك عصينا التعليمات. ، كالعادة سلكنا الطريق ونحن نبتسم دخلناها غير آبيهن لغضب السيدة الزرقاء… كان الماء يغمر أجسادنا كلها فاخترنا أن نلتقط المحار بأقدامنا…أذكر يومها أننا ضحكنا كما لم نفعل من قبل…ضحكنا الفقر …الحب …الزواج …التعاسة …البؤس… في تلك اللحظة صعدت زينب فوق صخرة في عمق البحيرة ثم صرخت بأعلى صوتها قائلة بغنج:

هل تعلمون أن السيد عبد الله شيخ القبيلة قد طلب يدي؟
كانت جميلة كالغجريات… عيناها كاللولؤتين، لامعتين… وشعرها يتطاير كخيوط ليل قاتم… ، لقد كانت الوحيدة التي تميزت ببشرة سمراء صافية كاللؤلؤ، فتيات القرية كلهن كن يبغضنها على حسنها ، في حين كانت وجوهن مليئة بالبقع الحمراء وخدودهن كالدماء… ولا أنكر أنني كنت منهن حتى صاحبت الكتب وتناسيت دلك… فجأة، سقطت هكذا في لحظة غابرة… سقطت على رأسها، وسقطت أحلامها كما سقطت أحلام اللواتي قبلها على نفس الصخرة.

قصة : ابتسام تغزاوي

spot_imgspot_img